يصـادف يـوم(25) يناير/كانـون الأول من كل عـام ذكرى انطلاق الثـورة المصريـة، والتي بـدأت بمجموعة مـن التحركات الشـعبية ذات الطابـع الاجتماعـي والسـياسي، اليـوم الـذي اختـير ليوافـق عيــد الشرطــة بعــد أن حددتــه عــدة جهــات مــن المعارضــة
المصريــة، ولم تخــتر المــرأة لنفســها زاويــة محايــدة في البيــت عـن هـذا الحـدث العظيـم بـل كانـت مـن أوائـل المشـاركين في الحـراك السـلمي.
«إسراء عبـد الفتـاح» ناشـطة سياسـية مصريـة، تعلقـت روحهـا بالثـورة، فدعـت عـلى صفحـة فيسـبوك الخاصة بهـا، إلى إضراب ســلمي في 6 نيســان \أبريــل 2008 ،احتجاجــاً عــلى تدهــور الأوضـاع المعيشـية، وسرعـان مـا لقيـت دعوتهـا اسـتجابة مـن حـوالي 70 ألفـاً مـن الجمهـور خصوصـاً في مدينة المحلـة الكبرى، وكانــت النتيجــة أن الإضراب نجــح، وأطلــق عــلى إسراء حينهــا لقـب «فتـاة الفيسـبوك» و»القائـدة الافتراضية»، وتفاعـل الكثير مـن المصرييـن والعـرب عـلى موقعهـا وأيدوهـا.
مـع اتسـاع رقعـة الاحتجاجـات في أرجـاء مصر وخاصة في سـاحة التحريـر؛ اختـارت المـرأة المصريـة أن تدافـع عن حقوقهـا وترفع مطالـب المـرأة المصريـة بوقـف الانتهـاكات التـي تعرضـت لهـا النسـاء في ميـدان التحريـر والناشـطات في المجال العـام خصوصاً الاعتقـال والتشـهير الالكـتروني إضافـة للاختفـاء القـسري؛ لليـوم الــذي شــهد الشــعب المــصري فيــه تنحــي الرئيــس «محمــد حسـني مبـارك «عـن الحكـم في فبراير/شـباط مـن عـام 2011.
حتــى في اعتصــام رابعــة العدويــة يــوم 28 يونيو/تمــوز2013 ،والـذي انتهـى في اليـوم الرابـع عشـر مـن أغسـطس/آب للعـام نفسـه، لم تغـب مشـاركة النسـاء الجـادة والقويـة عـن السـاحة، فقـد خرجـت مـع الملاييـن مـن المعارضـين للسياسـات التـي لا تناسـب طبيعـة البـلاد المصريـة الأبيـة، واتخـذوا مـن سـاحة « رابعـة العدويـة» مقـراً لاعتصامهـم، ومكانـاً يخيمون بـه لتثبيت موقفهـم الداعـم للشرعيـة والمعـارض للسياسـات الظالمـة للبـلاد والشـعب المـصري.
لــن ينــسى أحــد مشــاهد النســاء اللاتي تجمعــن في الشــوارع والسـاحات العامـة في العـالم العـربي، مطالبات بالإطاحـة بالنظام القمعـي الـذي اسـتمر في السـلطة لعقـود، وكانـت تلـك المشـاهد إشـارة هامـة إلى أن المجتمـع العـربي يتغـير نحـو الأفضـل، وقـد صدمـت المشـاركة الواسـعة للمـرأة المصريـة في ثـورة ينايـر ومطالبتهـا بحقوقهـا في وقـت ظـن الجميـع أن تظـل النسـاء حـذرات وألا تشـاركن في مظاهـرات شـعبية قـد تشـكل مخاطـر كبـيرة عـلى حياتهـن، وقـد أربكـت مشـاركة النسـاء في الاحتجاجـات لحـد مـا أجهـزة الاسـتخبارات، حيـث أظهـرت مـدى الرفـض الشـعبي للانتهـاكات المتكـررة بحـق النسـاء، كـما كشـفت عـن الـدور
الالهـام الـذي يمكـن أن تلعبـه المـرأة في تحـدي مقاومـة التغيـير، وعـدم وجـود أي إصـلاح سـياسي ذي معنـى، ولم تتوقـع النخـب السياسـية والثقافيـة أن تشـارك المـرأة في الانتفاضـات الشـعبية.
في كل ثـورات الربيـع العـربي دعمـت المـرأة موقفهـا ومكانتهـا في المجتمـع وشـكّلت الشـابات المصريات جـزءاً لا يتجزّأ من كيانات الثـورة المصريـة، التـي بـدأت بخطـوة جريئـة لم يسـبق لهـا مثيـل في مشـاركة النخـب الثوريـة بإبـداء الـرأي، ويمكننـا القـول إن النسـاء المصريـات ليومنـا هـذا يشـكلنّ ركنـاً أساسـياً للوصـول إلى مجتمـع تسـود فيـه المسـاواة والعدالـة والكرامـة للجميـع دون اسـتثناء ويـسري فيـه القانـون عـلى الجميـع.
ومنـذ عـام 2011 ، فاجـأت النسـاء السـوريات الجميـع عندمـا قـررّن التغيـيّر مـن كونهـنّ ضحايـا إلى قائـدات ملهـمات. وتعتـبر النسـاء السـوريات أصواتـاً ثوريـة لأن دور النسـاء لم يقتـصر عـلى المشـاركة الفاعلـة في المظاهـرات والتمريـض والإغاثـة والإعـلام فقـط بـل وكذلـك شـمل توثيـق الانتهـاكات التـي كانـت هـي أيضـاً ضحيتهـا.
ويمكننـا الآن أن نقـول بثقـة إنَّ النسـاء والشـباب هـم مـن جلبـوا الربيـع العـربي، وقدمـوا تضحيـات ودفعوا ثمنـاً باهظاً لمشـاركتهم خـلال الانتفاضـات وبعدها.
«الخطـوة غـير المتوقعـة» والتـي أدهشـت الجميـع وهـي مشـاركة المــرأة في الحــراك الثــوري الســلمي لم يكــن عــن عبــث، إنمــا لأن النسـاء شـأنهن في ذلـك شـأن شـباب تلـك البلـدان، كانوا أكـبر ضحايا تلـك الأنظمـة الفاسـدة التـي أخفقـت في احـترام الكرامـة الإنسـانية
وفشلت في أن توفر لهنّ الحريّة والحريّات الأساسية والمساواة في الحقوق، ومـن ثَـمَّ، فهـنّ المسـتفيدات الرئيسـيات مـن التغيـر، وقـد حرصـنّ عـلى اسـتمرار التغيـير كل يـوم.
بقلم: هيفاء العمر
رابط المقال ضمن النشرة الكاملة على فيس بوك