إنــه يــوم الثامــن مــن آذار، يــوم المــرأة العالمــي، اليــوم الــذي اختــير ليكــون مناســبة لاســتنهاض همــم النســاء  ودعــم صمودهــن، يــوم يســلط فيــه الضــوء عــلى انجــازات نســاء قويــات فاعــلات مؤثــرات .. فمــن هــن تلك  النســوة؟!

قــد يــراود للبعــض أنهــن نســوة ولــدن في بيئــة متعلمــة مثقفــة محفــزة، قــد يكــون الأمــر كذلــك،  لا يشــكلن إلا نســبة قليلــة مــن النــوع الثــاني مــن تلــك النســوة، نــوع إن مشــيت في دهاليــز حياتهن الخاصة لرأيــت العجــب ولرأيـت أنــك أنــت مــن كنــت تملــك الظــروف الأوفــر حظــاً لكــن الفــارق بينــك وبينهــن أنهــن نســوة أدركــن أن الحيــاة قصــيرة ولا وقــت لليــأس بــل هــو وقــت للعمــل الجــاد ليُحِلن من أحزانهــن حطبــاً يوقــد نــار العزيمــة في قلوبهــن التــي لطالمــا جرحــت وكــسرت وعرفــن أن لا يد ســتداوي هذه الجــروح إلا أيديهــن لذلــك كان لا بــد مــن الحفــاظ عــلى قــوة تلــك اليــد وكــسر كل قيــد يمكــن أن يؤذيهــا أو يقرِّحهــا،

تلــك النســوة كتمــن بوحهــن لأنهــن واجهــن عــدم التقديــر بمــا يكفــي ليقــررن أن حياتهــن جعبــة خاصــة صهــر مفتاحهــا ورمــي في الميــاه فيســتحيل عــلى أحــد فتــح الجعبــة والاطــلاع عــلى الأسرار ورفعــن رايــة الابتســامة والهــدوء بعــد أن تبلــد في القلــب مــا قــد تبلّد.

إنــك لــن تصــدق أن بعــض تلــك النســوة ضاقــت جــدران الغرفــة عليهــن فخرجــن مــن تلــك الجــدران وطِرن بأجنحــة عاليــة باحثــات عــن كل مســتضعف، يــردن أن تنتشــلن كل متــألم ومقيــد ويعــن كل ضعيف وكل حزين.

هــن نســاء خُذلــن بمــا يكفــي وتــأذت عاطفتهــن حتــى تعلمــن مهــارة عــدم الســماح لأي

 أحــد بــأن يعبــث باســتقرارهن الداخــلي.

 لكــن هنــا لا بــد مــن طــرح الســؤال المهــم، هــل ينجحــن دائمــا بحمايــة أنفســهن؟ غالــب الأمــر أن الجــواب لا، لأن الحيــاة أقــسى مــن أن تمنحــك  الجاهزيــة المثــلى لمواجهــة كل صدمــة فيهــا، التــي غالبــا مــا تكــون مــن القريــب أكــثر مــن الغريــب.

أمــا الســؤال الأكــر أهميــة، مــن هــن النســوة القويــات الفاعــلات المؤثــرات؟

هــل هــن فقــط النســوة اللاتي تصــدرن المواقع والأنشــطة المختلفــة ؟

إن كان الجــواب نعم فمن هــن إذن تلــك النســوة القابعــات في بــرد المخيــمات ، المــرأة الأرملــة، المــرأة الناجيــة، المطلقــة، المــرأة التــي هجرهــا زوجهــا وتركهــا في بقعــة مــن الأرض لا تملــك لا الجغرافيــة ولا أبســط مقومــات  الحيــاة،

تلك النســوة تصحــين غارقات في ميــاه الأمطــار ولا وقــت لديهــن للبــكاء والنحيــب أو التذمــر، فــلا مجــال إلا للمســارعة في مســاعدة أطفالهــن الصغــار وحمايتهــم وحمايــة المحتويــات الفقــيرة في الخيمــة، بعضهــن مــن يتفنــن في تســلية أطفالهــن وتهويــن المشــهد بإجــراء مســابقة من ســيفرغ المــاء بسرعــة أكــبر ، منهــن مــن احتفلــن بعــد تجفيــف الخيمــة وجمعــن مــا تيــسر لهــن مــن المأكــولات والمشروبــات مهــما كان نوعهــا وكميتهــا فالغايــة فقــط المحاولــة لبــث الــدفء في أرواح أطفــال هــم  الأضعــف لاحتــمال تلــك القســوة، وأقــسى ســؤال لديهــم هــو أيــن أبي ؟

كيــف ســتخبرهم أن أبــاك شــهيد أو مفقــود أو معتقــل أو هــو مــع زوجتــه الثانيــة في مــكان آخــر؟ ليــأتي الســؤال الآخــر الأكــثر قســوة وهــو، لمــاذا نحــن هنــا يــا أمــي ؟ مــا أثقلــه مــن حمــل عــلى كاهــل تلــك النســوة، الــلاتي غالبــاً ما يعانقــن أطفالهــن عنــد طرحهــم مثــل هــذه الأســئلة!! ثــم تتنهــد المــرأة  تنهيــدة لا صــوت لهــا باكيــة بدمــوع القلــب التــي لا مشــاهد لهــا،  وتطــير بخيالهــا لتعطــي الأجوبــة الرقيقــة التــي تناســب مشــاعر هــؤلاء الأطفــال الذيــن لا يعرفــون مــن الطفولــة إلا اســمها.

لبطــولات تلــك النســوة نفحــات تعطينــا القــوة والأمــل للمــضي قدمــاً في تجاوز صعوباتها، ولنستذكر عثراتنــا التــي تجاوزناهــا، ونؤمــن أن  لــكل جــواد كبــوة، وأن للســهم النفــاذ رجوعــاً للخلف قبل انطلاقته نحــو الهــدف، وأننــا كلنــا قــادرات عــلى أن نكــن قويــات وفاعــلات في مواقعنــا عندمــا نؤمــن بأنفســنا. ايمان الفاعل